السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
لا أريد أن أكتب أكثر من اللازم بل فقط أود أن العب جيداً مع الألفاظ والعبارات، ثم أجعلها تخترق جدران القلوب وتثبت عباراتي في كل العقول، وهذا هو التحدي الذي من أجله أود أن أجعل من نفسي شيئاً كبيراً وعجيباً (قد تقولون: هذا غرور.. وأقول: لا انه تحدٍ عظيم وكبير).
نعم التحدي هي تلك الصفة التي نضيفها لباقي الصفات التي أخذت من حياتنا جزءاً كبيراً، ولكن ألا تعتقدون معي أنه لا بد للصفة أن تكون بطريقة يجب تقبلها وليست بطريقة تجعلنا نخسر بها من راحتنا شيئاً كبيراً، وبذلك نخسر ولا نكسب فلنبدأ وقبل البدء (صباحكم مليء بالتحدي).
في البداية ما معنى التحدي؟ هو تحدٍ وإيذاء النفس، وقهر الغير، وغرابة في التصرف، ويكتمل كذلك في التحرق الممزوج بالطمع الذي يدخل القلوب دون التفكير في طرق باب الاستسلام وهذا التحدي هو (أصعب وأحقر الأنواع)، حيث انه يفسد صاحبه ولا يصلح أحواله، يعلمه العنف ولا يعلمه النفع، يعلمه السيطرة والجبروت ويجعله مفتقدا للتسامح، وهذا في رأيي كالرجل الذي يتحدى ضعف من أمامه وبيده سوط ويضرب بخرفانه ضرباً يتقطع له القلب ويتعرق له الجبين (منتهى القسوة في ذلك التحدي ولا يعلم صاحبه أنه يتحدى عقله الذي بات ميتاً لا يفكر).
تحدٍ آخر يعجبني وهو كتم الغيظ في فترة المرور بأصعب اللحظات، التي يحس فيها الإنسان بحاجته للتمسك بمكنونات نفسه التي إن ظهرت فإنه وبلا شك سيفقد من حوله، ويحتاج لأن يبتسم وبعينه الدمعات، نعم هذه القنبلة تنفجر بروحه وتعذبه، يضحك والجميع ينتظر بكاءه، يسمع لصوت حزنه دبيباً مؤلماً تدفع أنامله للانزواء على حدة، وكتم لآلامه الطفيلية ولولاها قد تتكون نقاط مستقبلية تفتقد روح التخاطب (هذا التحدي هو الأفضل في نظري حيث يكون فيه التحدي واضحاً رغم مرارة الحال الذي يمر به صاحبنا).
طبعاً ومن التحديات التي نعيشها ونراها في عالمنا صور كثيرة لا تكاد تنتهي، وما أروع هذه الصورة التي صورتها عدسة الحياة، ثم وضعتها في أجمل برواز، ألا وهو تحدي الإنسان العصامي لظروف الحياة والبدء بالعمل رغم طفولته، وفقر والديه عمل تحت (أصباغ الكراجات، وتحت المحركات التي باتت نغمات تستمتع بها أذنه، وتشققت يداه ولا عيب في ذلك حيث لقمة عيشه فرضت عليه ما قد كتبه القدر، ولكنه لم يستسلم ولم ييأس، فمن الكراجات وصل اليوم إلى درجاتٍ عليا، وحقق الكثير في ظل الظروف القاسية) فكم هو تحدٍ رائع للحياة!
ومن التحديات يوجد أيضاً تحدٍ سلبي، وهو تحدي الإنسان ووصوله لمبتغاه بطريقه غير شرعية، وأقرب مثال (تاجر المخدرات الذي لم يكن يملك المال، فباع من السموم ما قد باع، وهدم من الأسر ما قد هدم، بل ورمل أكثر النسوة ويتم الأطفال، وفي السجون كتب للبعض أقدارا، وبغشه أصبح اليوم من أكبر التجار، حيث تحدى فقره وأصبح عظيماً كبيراً ولكن كيف ؟!)
نقطة:
اننا نعترف بخضوعنا وعيشنا في زمن التصحر الذي بات يغوينا ويسلب منا راحتنا، ويجعلنا ننهزم أمام عواصف رملية تحجب عنا الرؤية، ولكن توجد بالقرب من ذلك الصحراء واحة صغيرة علينا أن نروي عطشنا منها، ونتمسك بساق تلك الشجرة الصغيرة قبل أن نلقي بأنفسنا إلى الهاوية وتلتهمنا العاصفة الصحراوية، نعم هكذا علينا أن نعيش، ولن نعرف أصل التحدي الذي خلق فينا إلا بعد معرفة أصل الأفكار التي كانت مثل الجنين تتنفس بأحشائنا واليوم ظهرت للفضاء الغريب كي تفسر أهميةً لوجودها.
لحظة:
من الطبيعي ان الذي يتحدى يجب أن يكون قوياً لا جسمانياً بل عقلياً وإرادياً، فلا يستطيع أن يخوض الفرد منا عالم التحدي وهو يفتقر للقوة، ولنرجع قليلاً للوراء وننظر لتاريخ الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، كيف تحدى الكفار بصدق نبوته، بالمقابل لم يكن يملك أسباب القوة ولكن كان قوياً فكرياً ولا ننسى أن ربه جل وعلا شأنه كان يسانده. وصورة أخرى للتحدي: فإننا نجد أن القرآن الكريم تحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وتحدى الكفار في مواقع كثيرة أن يأتوا بعشر سورٍ من هذا القرآن، وغيره من أرقى أنواع التحديات.
فبتحديه عليه السلام وقوة إرادته انظروا كيف وصلنا اليوم من الحب له وللدين، ولولا ذلك لا ندري إلى أين اليوم أصبحنا وغدونا.
وأخيراً:
انظر إلى شجرة النخيل كيف تتحدى الظروف الصعبة وتتحدى العواصف القاسية وتبقى ثابتة، وتلعب بها أعاصير الحياة ولكنها تقف ضاحكةً أمامها حيث قوتها وتحديها لتلك العواصف تكفي أن تجعل منها طابعاً واسماً لامعاً في عالم أقوى التحديات.
بصمة حب:
رغم الظروف الصعبة أتحدى العالم، رغم البعد الذي أصبح عنواناً لنا أجعل ذكرياتك تحميني من تقلبات الزمن، لا أريد أن أضل الطريق، فقلبك ثروتي، وإذا ما تحديت قلبك سأصبح شحاذاً أقف على أرصفة الطريق لا أبحث عن المال بل عن حبك الأزلي الأبدي، فأنا أحتاج للحنان والعطاء، ولا أملك سوى قلب نبضه حبك، ونظرة أتحدى بها دمعتك فهي تسحرك وتتحداك.
أحترامي وتقديري
نيوفة
[center]